في كلتا الحالتين، إنَّ تحديد فلسفتك في الكوتشينغ بوعي هو أساس توحيد الإجراءات التي تتَّبعها في المهنة والحفاظ على نزاهتك في الكوتشينغ، ويسهِّل عليك تحديد مبادئك في الكوتشينغ التعبير عن قِيَمك، واختيار الطريقة التي تقدِّم بها الكوتشينغ لعملائك، ومعرفة كيفية التعبير عن مهنتك أمام العلن، كما أنَّ الأمر بمنزلة بوصلة تساعدك على اختيار الأشخاص الذين ستعمل معهم، أو وسائل الإعلام التي ستمثِّلك، أو الأحداث التي ستتحدث فيها، وسنتطرق في مقالنا هذا إلى تعريف فلسفة الكوتشينغ، وأكثر ثلاث فلسفات كوتشينغ شيوعاً، وكيفية تطوير فلسفتك الخاصة.
تعريف فلسفة الكوتشينغ
فلسفة الكوتشينغ هي معتقداتك الجوهرية المرتبطة بمهنتك، فقد يختلف مفهوم الكوتشينغ من شخص لآخر؛ لذا من المفيد تحديده بالنسبة إليك، تمثِّل فلسفة الكوتشينغ أفضل السبل لمساعدة العملاء من وجهة نظرك، ولكن قد لا يعني ذلك بالضرورة أنَّك تمارسها، وبطبيعة الحال يؤدي اعتماد فلسفة كوتشينغ إلى تحديد نوع العملاء الذين ستعمل معهم وعلاقتك بهم، وسيؤثر ذلك أيضاً في منهجية الكوتشينغ التي تستخدمها، والممارسات التي ينبغي تجنبها.
ليس عليك بالضرورة إنشاء فلسفة كوتشينغ من الصفر؛ بل يمكنك الاطلاع على المبادئ التي يتَّبعها الكوتشز الذين تقتدي بهم وتتبناها، ففي الواقع، إذا كنت ترغب في الحصول على شهادة في مجال الكوتشينغ، فعليك القيام بذلك للنجاح على أية حال، وما يهم هو أنَّ فلسفة الكوتشينغ التي تمثِّلها هي فلسفة صادقة بالنسبة إليك؛ إذ لا يتعلق الأمر بمناقشة الطريقة التي ينبغي من خلالها تقديم الكوتشينغ؛ بل بالالتزام بمبادئك وقيمك ومُثُلك العليا، التي تكوِّن هويتك بصفتك كوتشاً.
الفرق بين فلسفة الكوتشينغ وأسلوب الكوتشينغ
من السهل أن تخلط بين فلسفة الكوتشينغ وأساليب الكوتشينغ التي تستخدمها في عملك، والاختلاف الأساسي بينهما هو أنَّ فلسفة الكوتشينغ لا تتغيَّر طوال حياتك المهنية إلا إذا أنت تغيَّرت؛ لأنَّها تمثِّل القيم والمبادئ الجوهرية التي تتبنَّاها، وعلى الجانب الآخر، يمكنك تغيير أسلوب الكوتشينغ مع كل عميل، أو حتى خلال جلسة الكوتشينغ ذاتها، فتستطيع تعديله ليناسب العملاء وأهدافهم برمتها.
يشبه الأمر الفرق بين قيمك وطريقتك في التواصل، فتبقى قيمك الجوهرية على حالها طوال حياتك، لكنَّ أسلوبك في التواصل يتغير وفقاً للأشخاص الذين تتفاعل معهم، وأيضاً لا علاقة لفلسفة الكوتشينغ بنوع الكوتشينغ الذي تقدمه؛ إذ يمكنك تطبيق الفلسفة ذاتها، سواء أكنت كوتش أعمال أم كوتش صحة أم كوتش حياة أم كوتش علاقات.
أمثلة عن فلسفة الكوتشينغ
لا وجود لفلسفات كوتشينغ محددة، تماماً كعدم وجود قواعد رسمية لتقديم الكوتشينغ، وهذا يمنحك حرية إنشاء قواعد تناسبك، ولكن بعض المبادئ مشتركة بين الفلسفات التي يعمل بها معظم الكوتشز، فمثلاً يتبع الكثير من الكوتشز والمنظمات ميثاق أخلاقيات العمل التابع للاتحاد الدولي للكوتشينغ (International Coaching Federation)، حتى لو لم يكونوا مرتبطين به، فالأمثلة الآتية هي عن ثلاث فلسفات كوتشينغ شائعة، والتي يمكنك الاستفادة منها في عملك:
1. عقلية الناجح
فلسفة الكوتشينغ هذه مستوحاة من الكوتشز الرياضيين الذين يقودون فِرَقهم إلى النجاح، فهم يعتقدون أنَّ ثمة هدفاً واضحاً ومحدداً يجب السعي لتحقيقه مع كل عميل، بصرف النظر عن مجال الحياة أو العمل الذي يركِّزون عليه، وغايتهم الوحيدة هي أن يحقق العملاء النجاح بأي ثمن، من خلال تذكيرهم في كل جلسة كوتشينغ بالهدف الأساسي الذي يعملون لتحقيقه، ليصبح كل هدف آخر جزءاً من ذلك الهدف، ويختار الكوتشز الاستراتيجيات الأكثر فاعلية لمساعدة عملائهم على الوصول إلى هدفهم، ويحفِّزونهم ليحافظوا على حماستهم.
2. الكوتشينغ المستقل
تحترم فلسفة الكوتشينغ هذه الحرية الشخصية للعميل واستقلاليته قبل أي شيء آخر، ويحرص الكوتشز الذين يتبنَّون هذا المبدأ على ألا ينصحوا متلقِّي الكوتشينغ أو يؤثروا فيهم بمعتقداتهم الخاصة، وحتى لو شاركوا تجربتهم الشخصية، فيقدِّمونها بوصفها مثالاً، دون أن يُرغموا العملاء على الأخذ بها.
يمكِّن اتباع مبادئ الكوتشينغ المستقل العملاء من اكتشاف إجابات عن أسئلتهم الهامة في الحياة، ويترك مجالاً لهم ليغيروا رأيهم، ويوفِّر مساحة آمنة ليعثروا على مبادئهم الخاصة، بعيداً عن أية تأثيرات خارجية، وتنصُّ فلسفة الكوتشينغ المستقل على أنَّ الهدف الأساسي هو تحقيق التنمية الشخصية، وأنَّ أهداف حياتنا ما هي إلَّا جزء من هذا الهدف الرئيس، وبالتالي إذا غيَّر العملاء أهدافهم باستمرار، ولكنَّهم يحقِّقون التنمية دوماً، فهذا دليل على نجاح عملية الكوتشينغ.
3. الكوتشينغ المنهجي
يرى الكوتشز الذين يتَّبعون هذه الفلسفة أنَّ هناك خطة أو حلاً محدداً يناسب حاجة كل عميل، ولكن تختلف هذه الخطة من عميل لآخر، وذلك وفق شخصيتهم والصعوبات التي يواجهونها، فالنهج الأساسي الذي يتَّبعه الكوتشز هنا هو وضع خطة مخصَّصة للمتلقي باستخدام الأدوات ونماذج الكوتشينغ التي تناسب حالته تحديداً، ويقدِّمون الكثير من التمرينات والواجبات المنزلية للعملاء التي تساعدهم على الاقتراب من هدفهم الرئيس.
كتابة فلسفة الكوتشينغ
كتابة فلسفة الكوتشينغ هي عملية مشابهة لتحديد القيم والمعتقدات الجوهرية، إذ تشكِّل هذه المعتقدات هوية الكوتشز، وتصبح جزءاً طبيعياً من شخصيتهم، وإليك فيما يأتي كيفية اكتشاف هذه القيم والمعتقدات وإنشاء فلسفة كوتشينغ:
1. إجراء البحث
ابحث في الأمثلة الثلاثة المذكورة أعلاه وأية فلسفات كوتشينغ أخرى يتَّبعها كوتشز تعرفهم، وحدِّدْ ما يناسبك وما لا يناسبك منها كي تفهم قيمك المرتبطة بالكوتشينغ بالمقارنة مع قيمهم، فإذا كنت ترغب بنيل شهادة من إحدى مؤسسات الكوتشينغ أو الحصول على حق امتياز للكوتشينغ، فيجب أن تبحث في الأمر أيضاً لاختيار الفرصة المناسبة، وسيساعدك البحث على اختيار المنتور المناسب، والذي سيكون له تأثير كبير في حياتك المهنية.
2. تقديم الكوتشينغ لنفسك
ننصحك بتقديم الكوتشينغ لنفسك، كي تفهم قيمك ومعتقداتك المرتبطة بمهنتك فهماً أعمق، ستساعدك الأسئلة الآتية على تحديد القيم التي تمثِّلها في الكوتشينغ:
- ما هو تعريفك للكوتشينغ؟
- ما هي أهمية الكوتشينغ بالنسبة إليك؟
- ما الذي دفعك لاختيار هذا المجال؟
- ما هو نوع الدعم الذي كنت تتمنى الحصول عليه من خلال الكوتشينغ عندما مررت بأزمة في الماضي؟
- ما الذي يجب أن يُناقَش في محادثات الكوتشينغ؟
- ما الذي يجب ألا يُناقَش في محادثات الكوتشينغ؟
- ما هو برأيك النهج الأكثر فاعلية للكوتشينغ لتحقيق النتائج التي يحتاجها العملاء؟
- كيف تصف علاقة الكوتشينغ؟
3. صياغة فلسفة الكوتشينغ
بعد أن حدَّدت القيم والمعتقدات والأفكار التي تناسبك، تستطيع صوغ فلسفة الكوتشينغ بصورة واضحة، فيمكنك إمَّا إضافته إلى بيان رسالتك، أو تحويله إلى ميثاق للسلوك، أو تخصيص صفحة كاملة لكتابة الفلسفة.
هل يجب مشاركة فلسفتك في الكوتشينغ؟
مشاركة فلسفة الكوتشينغ أو الاحتفاظ بها لنفسك، أمر متروك لك، ما دمت تعمل بها وتتَّبعها، فإذا كنت تعمل مع فريق من الكوتشز أو تخطط لنيل حق امتياز في الكوتشينغ، فستكون الفلسفة أداة لتحقيق التوافق بينك وبين العملاء أو أصحاب الامتياز؛ لذا حوِّل فلسفتك في الكوتشينغ إلى إرشادات أو قواعد سلوك يمكنهم اتِّباعها، فتسهِّل فلسفتك في الكوتشينغ على العملاء المحتملين اتخاذ قرار العمل معك، لذا أدرِجْها في موقعك الإلكتروني أو في الكتيبات، أو تحدَّث عنها في الجلسة الأولى، والأهم من ذلك كله، اجعلها دليلك الإرشادي للقيام بالعمل الصحيح.
أضف تعليقاً