تعتمد هذه العملية اعتماداً أساسياً على إدراك اختلافات أنماط التعلم وأخذها بالحسبان عند إعداد استراتيجيات التلقين. ويعبِّر مصطلح نمط التعلُّم عن طريقة تلقِّي المعلومة وفهمها واستيعابها وترسيخها في الذاكرة، وقد تبيَّن أنَّ إدراك اختلاف هذه الأنماط، يُعزِّز فعالية الكوتشينغ التعليمي؛ لأنَّه يتيح للكوتش إمكانية تصميم استراتيجيات العمل بناءً على احتياجات المعلِّم وأساليبه.
يبحث مقالنا اليوم في موضوع أنماط التعلُّم، وكيفية تطبيقها في الكوتشينغ التعليمي.
إدراك أنماط التعلم
غالباً ما تُصنَّف أنماط التعلم ضمن 4 فئات رئيسة، وهي التعلم البصري والسمعي والكتابة/القراءة والحركي، ولكلِّ واحد من هذه الأنماط مواصفات خاصة تتطلب استخدام استراتيجيات تلقين معيَّنة تضمن الوصول لأقصى فعالية ممكنة. يقع على عاتق الكوتش التعليمي مهمَّة فهم هذه الأنماط؛ لكي يُقدِّم توجيهات مخصصة لاحتياجات المعلمين.
تجدر الإشارة إلى أنَّ معظم الأفراد يفضِّلون نمط تعلُّم معيَّناً؛ لكنَّهم يستوعبون المعلومات بفعالية بواسطة الأنماط الأخرى؛ أي لا يمكن حصر الفرد ضمن نمط واحد، وفي كثير من الحالات يُطلَق على هذه الحالة اصطلاح التعلم متعدد الأنماط، وهي تساعد الكوتش التعليمي على إعداد استراتيجيات كوتشينغ مرنة.
نمط التعلم البصري
يستوعب المتعلم البصري المعلومات عندما يراها أو يتخيَّلها، وهو يفضِّل المخططات، والرسوم البيانية، والصور، وغيرها من العناصر البصرية أكثر من النصوص والشروحات الشفوية. ينجح الكوتش في مساعدة المتعلم البصري عن طريق التشجيع على استخدام المعدَّات البصرية وتوضيح آلية تطبيقها وإضافتها للخطط الدرسية.
غالباً ما يستفيد المتعلِّم البصري من الترميز اللوني، والخرائط الذهنية، والمخططات الانسيابية التي تنظِّم المعلومات وتبسِّط المفاهيم المعقَّدة، وتوضِّح وظيفة الكوتش التوقيت والآلية المناسبة لاستخدام هذه التقنيات في الصف.
نمط التعلُّم السمعي
يفضِّل المتعلِّم السمعي المحاضرات والنقاشات والشروحات الشفوية، ممَّا يفرض على عاتق الكوتش مهمَّة شرح تقنيات التواصل الشفوي الفعَّال وتزويد المعلم بتغذية راجعة بنَّاءة تقيِّم أسلوبه في التلقين اللفظي.
يستفيد المتعلِّم السمعي من تكرار المعلومات بصوت عالٍ، ممَّا يفرض على عاتق الكوتش مهمَّة إطلاع المعلِّم على استراتيجيات الحفظ المناسبة، وتقديم أمثلة توضِّح خطوات تطبيقها في الصف.
الكوتشينغ التعليمي وأنماط التعلُّم
الكوتشينغ التعليمي هو عبارة عن عملية تعاونية تحسِّن إجراءات التلقين والنتائج التي يحققها المتعلِّم. يعتمد جزء كبير من هذه العملية على فهم أنماط التعلم؛ لأنَّه يتيح للكوتش إمكانية تصميم الاستراتيجيات وفق احتياجات المعلِّم وأساليبه.
يتيح هذا الفهم للكوتش من جهة أخرى إمكانية مساعدة المعلِّم على إعداد استراتيجيات تلقين فعالة، ممَّا يُحسِّن أداء المعلم وتجربة الطالب؛ لأنَّه سيتلقَّى المعلومات بطريقة تتوافق مع نمط التعلم الذي يفضِّله.
تخصيص استراتيجيات الكوتشينغ
تشمل الفوائد الرئيسة لفهم أنماط التعلم إتاحة إمكانية تخصيص استراتيجيات الكوتشينغ، ويستطيع الكوتش بهذه الطريقة أن يقدِّم للمعلِّم توجيهات ودعم مناسب لنمط التعلم الخاص به، ممَّا يزيد من فعالية تجربة الكوتشينغ ومتعتها بالنسبة للمعلم.
في حال كان المعلِّم متعلِّماً بصرياً مثلاً، فإنَّ الكوتش يمكن أن يستخدم المخططات أو الرسوم البيانية لشرح المفاهيم الجديدة، في حين يتطلب التعامل مع النمط السمعي استخدام النقاشات أو الشروحات الشفوية.
تحسين استراتيجيات التلقين
يوجِّه الكوتش المعلِّم ويساعده على إعداد استراتيجيات تلقين فعالة عندما يفهم أنماط التعلم، فتزداد قدرة المعلِّم على إعداد استراتيجياته وفق احتياجات الطلاب، عندما يدرك اختلاف أنماط التعلم الخاصة بهم.
يمكن أن يستخدم المعلِّم المزيد من العناصر البصرية لتلبية احتياجات المتعلم البصري، أو يضيف بعض النشاطات التطبيقية من أجل المتعلِّم الحركي. يقع على عاتق الكوتش مهمَّة توضيح خطوات تطبيق هذه الاستراتيجيات.
تحدِّيات تطبيق أنماط التعلم
يعزز فهم أنماط التعلم فعالية الكوتشينغ التعليمي، لكنَّه ينطوي على بعض التحديات، ويُذكَر من أبرزها تعدُّد أنماط التعلم الخاصة بمعظم الأفراد وعدم إمكانية تصنيفهم ضمن فئة محددة، ممَّا يتطلب اتِّباع نهج مرن وقابل للتعديل في الكوتشينغ.
تشمل التحديات الأخرى كون أنماط التعلم تشكِّل جانباً واحداً من عملية التعلم الخاصة بالفرد، في حين تتضمن العوامل الأخرى الحماس، والمعرفة السابقة، وبيئة التعلم مثلاً. بناءً على ما سبق، وبالرغم من أهمية أنماط التعلم، فإنَّها لا يجب أن تكون العامل الوحيد المأخوذ بالحسبان في توجيه إجراءات الكوتشينغ.
مراعاة حالة تعدُّد أنماط التعلُّم
يُصنَّف عدد من الأفراد ضمن فئة المتعلمين متعدِّدي الأنماط، ما يعني أنَّهم قادرون على التعلم بفعالية بأكثر من نمط واحد، بالتالي يقع على عاتق الكوتش مهمَّة إدراك هذه الحالة وإعداد استراتيجيات الكوتشينغ على أساسها.
يمكنك مثلاً أن تستخدم كلَّاً من المعدَّات البصرية، والشروحات الشفوية، والنشاطات التطبيقية في جلسات الكوتشينغ بهدف مراعاة حالة تعدُّد أنماط التعلم وتقديم تجربة ممتعة ومتنوعة للمعلمين.
أخذ العوامل الأخرى بالحسبان
بالرغم من أهمية أنماط التعلم في الكوتشينغ التعليمي، فإنَّك يجب أن تأخذ بالحسبان بقية العوامل الأخرى أيضاً، مثل حماس المعلِّم، ومعرفته السابقة بالموضوع، ومدى تقبُّله للمواد، بالإضافة إلى ظروف بيئة التعلم.
يقع على عاتق الكوتش مهمَّة مراعاة هذه العوامل خلال مراحل إعداد استراتيجيات الكوتشينغ، فإذا كان المعلِّم متحمِّساً وضليعاً بالموضوع مثلاً، يُنصَح عندئذٍ بالتركيز على الاستراتيجيات المتقدِّمة، أمَّا إذا كان يواجه صعوبة في استيعاب المواد، فيُفضَّل في مثل هذه الحالة أن تركِّز على المهارات والمفاهيم الأساسية.
في الختام
فهم أنماط التعلم بالغ الأهمية في حالة الكوتشينغ التعليمي؛ لأنَّه يتيح للكوتش إمكانية تخصيص استراتيجيات العمل، وتحسين إجراءات التلقين وتجارب الطلاب.
تجدر الإشارة إلى أنَّ أنماط التعلم تشكِّل جانباً واحداً من العملية، وثمَّة مجموعة من العوامل الأخرى التي تتحكم بالنتائج النهائية، مثل الحماس والمعرفة السابقة بالموضوع.
تقتضي وظيفة الكوتش التعليمي تقديم أفضل درجة ممكنة من الدعم، وذلك عبر فهم أنماط التعلم والالتزام بالتعلم المستمر ومواكبة التغيرات وتطوير قطاع التعليم.
أضف تعليقاً